{قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16)}{قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الفرار إِن فَرَرْتُمْ مّنَ الموت أَوِ القتل} أي لن ينفعكم ذلك ويدفع عنكم ما أبرم في الأزل عليكم من موت أحدكم حتف أنفه أو قتله بسيف ونحوه فإن المقدر كائن لا محالة {وَإِذًا لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلًا} أي وإن نفعكم الفرار بأن دفع عنكم ما أبرم عليكم فمتعتم لم يكن ذلك التمتيع إلا تمتيعًا قليلًا أو زمانًا قليلًا.وهذا من باب فرض المحال ولم يقل: ولو نفعكم إخراجًا للكلام مخرج المماشاة أو إذا نفعكم الفرار فمتعتم بالتأخير بأن كان ذلك معلقًا عند الله تعالى على الفرار مربوطًا به لم يكن التمتيع إلا قليلًا فإن أيام الحياة وإن طالت قصيرة، وعمر تأكله ذرات الدقائق وإن كثر قليل، وقال بعض الأجلة: المعنى لا ينفعكم نفعًا دائمًا أو تامًا في دفع الأمرين المذكورين الموت أو القتل بالكلية إذ لابد لكل شخص من موت حتف أنفه أو قتل في وقت معين لا لأنه سبق به القضاء لأنه تابع للمقضي فلا يكون باعثًا عليه بل لأنه مقتضى ترتب الأسباب والمسببات بحسب جرى العادة على مقتضى الحكمة فلا دلالة فيه على أن الفرار لا يغني شيئًا حتى يشكل بالنهي عن الإلقاء إلى التهلكة وبالأمر بالفرار عن المضار، وقوله تعالى: {وَإِذًا لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلًا} يدل على أن في الفرار نفعًا في الجملة إذًا لمعنى لا تمتعون على تقدير الفرار إلا متاعًا قليلًا، وفيه ما فيه فتأمل.وذكر الزمخشري أن بعض المروانية مر على حائط مائل فأسرع فتليت له هذه الآية فقال: ذلك القليل نطلب وكأنه مال إلى الوجه الثاني أو إلى ما ذكره البعض في الآية؛ وجواب الشرط لإن محذوف لدلالة ما قبله عليه و{أَذِنَ} تقدمها هاهنا حرف عطف فيجوز فيها الأعمال والإهمال لكنه لم يقرأ هنا إلا بالإهمال. وقرئ بالأعمال في قوله تعالى في سورة [الإسراء: 76] {وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُواْ خلافك} وقرئ {لا يُمَتَّعُونَ} بياء الغيبة.